كيف تعمل الهواتف النقالة؟

يقوم ملايين الأشخاص حول العالم كل يوم باستخدام الهواتف النقالة، التي ساهمت مساهمة كبيرة في تغيير نمط حياتنا من خلال قيامها بمجموعة كبيرة ومتنوعة من المهام، إضافة إلى الاتصال الهاتفي. مثلاً، من خلال هذه الهواتف يمكن القيام بتخزين مئات الهواتف الضرورية، وتنظيم المواعيد، وإمكان استعمالها آلة حاسبة، وإرسال البريد الإلكتروني والفاكسات واستقبالها. وتدعم مراكز كثيرة لخدمة الهواتف النقالة إمكان الولوج إلى الإنترنت، وبالتالي تحويل الهاتف إلى حاسب موصول بشبكة الإنترنت. وإضافة إلى هذه المهمات العملية، توجد هواتف نقالة تتضمن أجهزة راديو ومسجلات mp3 ومحددات الموقع الجغرافي GPS، وهي إضافات تناسب مختلف احتياجات المستخدمين. لكن، هل فكـَّر كل منا بالكيفية التي تعمل بها الهواتف النقالة، وما هي أوجه اختلافها عن الهاتف العادي؟ ثم، ماذا تعني المصطلحات الخاصة بالهاتف النقال، مثل: GSM وبلوتوث؟ ولماذا دُعيت الهواتف النقالة بالهواتف الخليوية؟ الهاتف النقال في حقيقة الأمر هو جهاز لاسلكي، رغم بعض التعقيدات الموجودة فيه. وهنا يكمن الفرق الأول والأساسي بين الهواتف العادية والهواتف النقالة في نوع الموجات المستخدمة لنقل الصوت وقيمة تردداتها. وقد سُميت الهواتف النقالة بالخليوية نظراً لاعتمادها على تقسيم مناطق التغطية إلى مجموعة من الخلايا، تُخصص كل منطقة منها (أو قطاع أو خلية) بموجة ذات تردد معيَّن. وهذا المبدأ في تقسيم مناطق التغطية إلى قطاعات يُستخدم في محطات البث الإذاعي، إذ تقوم كل محطة إذاعية بالبث على أكثر من موجة إلى مناطق مختلفة كي تضمن وضوح بثها، ومن أجل عدم اختلاط بثها مع بث إذاعي من محطة أخرى تستخدم النطاق الموجي ذاته. تعتمد كل محطات البث الإذاعي والهواتف النقالة على مقويات إشارة (محطات تقوية) لنقل إشارة البث من محطة إلى أخرى. وهنا ينتهي التشابه، لأن محطات تقوية البث الإذاعي يمكنها أن تغطي مسافات شاسعة، بينما تغطي محطات التقوية الخاصة بالهواتف النقالة مجالاً محدوداً جداً لا يتجاوز في أحسن حالاته عدداً من الكيلومترات المربعة، ولهذا اعتـُمِد نظام الخلايا، الذي توجد في كل خلية منه محطة مقوية لإشارة الهاتف يدخل في تركيبها برج وهوائي وجهاز إرسال واستقبال لنقل إشارات المكالمات. ودون الدخول في مصطلحات معقدة، يمكن القول إنه كلما ازداد عدد الخلايا أو القطاعات، ازداد إمكان تخديم عدد أكبر من المستخدمين، أي أن الأمر لا يتعلق بالمساحة الفعلية لمنطقة التغطية فقط، وإنما يعود أيضاً إلى عدد المستخدمين في هذه المنطقة. ولهذا، يمكننا ملاحظة أنه في المدن الكبرى والأماكن التي تـُستخدم فيها الهواتف النقالة بكثرة (مثل: مناطق المكاتب، ومناطق الأعمال التجارية) يكون تقسيم القطاعات صغيراً جداً، وهو يصل في بعض الأحيان إلى عدة عشرات من الأمتار فقط. كيف يمكننا الاتصال من الهواتف النقالة؟ من المعروف أن لكل هاتف نقال رمزاً خاصاً به، وهو يتضمَّن عادة مقدم خدمة الاتصال ورقم الهاتف النقال ومعلومات عن المستخدم. وتكون هذه المعلومات موجودة عند مقدِّم الخدمة وضمن البطاقة الذكية الموجودة داخل الهاتف. وما دام الهاتف ضمن مجال تغطية الشركة المقدِّمة للخدمة، فإن هذه المعلومات تظهر على الهاتف. أما في حال الخروج من نطاق الخدمة (مثل: الدخول في نفق، أو السفر إلى خارج منطقة التغطية)، فإن رسالة تظهر على الهاتف لتـُعلـِم بعدم وجود خدمة متوافقة مع البطاقة الذكية التي يحويها الهاتف. وما دام الهاتف ضمن مجال تغطية مُقدِّم الخدمة، فإن رمز الهاتف الخاص ينتقل من قطاع إلى آخر، مُعرِّفاً بوجوده، ومُتحسِّساً لإشارة محطات التقوية. ويمكن ملاحظة هذا الأمر على نحو خاص أثناء السفر في حال كان الهاتف النقال قريباً من مذياع السيارة، إذ يُسمع بعض التشويش لدى الدخول إلى قطاع تغطية جديد. وفي أغلب الأحيان، تقوم الشركات المُخدِّمة بالهواتف النقالة بتأمين إمكان استخدام الهاتف النقال في أكثر من بلد (خدمة التجوال)، لكن هذه الخدمة لا تختلف تقنياً عن خدمة التغطية المحلية، لأن شركات التخديم في مناطق التجوال تستشعر معلومات الهاتف النقال ورمز الشركة المُخدِّمة الأم. وعلى عكس موجات اللاسلكي العادية، فإن موجات الهاتف النقال لا يمكن التقاطها التقاطاً عاماً، إذ إن المكالمات تكون عادة محصورة بين هاتفين فقط. ولهذا السبب تُستخدم تقنية GSM وهي الأحرف الأولى من عبارة Global System for Communication، وهي التقنية التي تحوِّل المكالمات إلى بيانات مُشفـَّرة، الأمر الذي يؤدي إلى سرعة نقل المكالمات وسرِّيتها ونقائها النسبي من التشويش. ويُعدُّ هذا النظام الأكثر شيوعاً في العالم، لذلك يمكن استخدام الجهاز النقال ذاته في أكثر من بلد دون الحاجة إلى تعديل مواصفاته (مثلاً: يمكن شراء أي جهاز نقال من أي بلد في أوربا أو الوطن العربي، واستخدامه في كل بلد من بلدان هذه المنطقة الجغرافية، في حين أن الأجهزة التي تُباع في الولايات المتحدة وكندا لا يمكن استخدامها في أوربا والوطن العربي، لأنها تعتمد تقنية اتصالات مختلفة). طبعاً، هناك تقنيات أخرى مستخدمة في مجال الهواتف النقالة، يمكن من خلالها استخدام الرقم والهاتف ذاتهما في معظم بلدان العالم، لكن هذه التقنيات محصورة بعدد محدود جداً من المستخدمين، الذين يحتاجون إلى هاتف واحد فقط، وهم أساساً رجال الأعمال الكثيرو السفر ومغامرو أعالي البحار. وتقنيات هذه الهواتف تعتمد على الاتصال بالأقمار الصناعية مباشرة في حال عدم وجود مُخدِّمات محلية. م. وهدان وهدان